


اللحــوم مرفـوعـــة من الأكـــل!
ركن الاسرة - ركن الاسرة |
-المواطنون" المقاطعة الحل الوحيد.. والحكومة في غيبوبة"
- الجزَّارون" نحن ضحايا للتجَّار ورجال الأعمال والإفلاس يهدِّدنا"
- العسقلاني" مخطط احتكاري للسيطرة على سوق اللحم المصري"
-د. فاروق" مصالح النظام ووزرائه تتناقض مع مصالح الشعب"
-د. عبد الحميد"يجب إسناد مهمة الإنتاج الحيواني إلى الجيش
ألقت أزمة اللحوم بظلالها على المواطن المصري، وأرهقت ميزانية الأسر المصرية، وخاصةً محدودة الدخل؛ لتكشف عن مافيا كبيرة من رجال الأعمال والوزراء المحتكرين من حكومة رجال السلطة والمال وحلفائهم من أصحاب الأموال والأعمال؛ الذين أتى في مقدمتهم رجل الأعمال والوزير السابق بطرس بطرس غالي، ورجل الأعمال داني شمعون نسيب يوسف بطرس غالي وزير المالية، ولم يكن وزير الزراعة الحالي أمين أباظة وعائلته بمنأى عن الاتهام؛ حيث إنهم يعدون من مجرمي القطاع الزراعي في مصر؛ حيث تحتكر عائلة وزير الزراعة سوقًا الغلال والأسمدة والمبيدات الحشرية في مصر.
وأتت تصريحات وزير الزراعة بشأن أزمة اللحوم، وأن أسعار اللحوم ستصل إلى 200 جنيه للكيلو؛ بسبب الشائعات التي ينشرها رجال الأعمال، ودعوته المواطنين إلى مقاطعة اللحوم، وكأنه يعمل "فرَّاش" في وزارة الزراعة، ولا يملك أن يفعل شيئًا لمنع هذه الممارسات الاحتكارية ولا يملك اتخاذ قرارات وصنع سياسات لضبط السوق لتعزِّز الاتهام، وتضيف دليلاً جديدًا واعترافًا واضحًا إلى سجلاَّت الوزير الذي أتت كلُّ سياساته السابقة لتكرِّس للاحتكارية، وتخدم مصالحه الشخصية، ومصالح شركائه من رجال الأعمال.
وكانت اللحوم هي الحلقة الثانية في مسلسل القضاء على الثروة الحيوانية في مصر واحتكارها؛ بعد أن قضت سياسات الوزير على صناعة الدواجن قبل ذلك، وقدَّمتها هديةً للمحتكرين ليتحكَّموا فيها كيف يشاءون.
وكان التوافق العظيم بين سياسات الوزير وغيره من وزراء حكومة رجال السلطة والمال مع مزاج وهوى النظام الحاكم في مصر؛ الذي يرى أن ضمان بقائه على كرسيِّ الحكم مرهونٌ بنجاح سياسات وزرائه في تجويع الشعب المصري، وتضييق الخناق عليه، ووضعه في دائرة البحث عن "لقمة العيش" لإلهاء الشعب عن التفكير في الحرية والديمقراطية، والتصدِّي للظلم والقهر والاستبداد الذي يمارسه النظام ضد شعبه.
التقت الأهداف، وتوافقت المصالح، وبقي الشعب المصري المطحون لا حول له ولا قوة بين مطرقة النظام المستبدّ وسندان رجال السلطة والمال.
وعند استطلاع رأى الشارع المصرى فى مسألة مقاطعة اللحوم...تباينت وجهات النظر ما بين مؤيد ومعارض..يقول محمد أحمد صادق "موظف": "إن أزمةَ اللحوم أزمةٌ مفتعلة، يديرها الجزارون وتجَّار اللحوم لمصالحهم؛ لأن مفيش رقابة من الحكومة عليهم، وكأن الحكومة فرحانة بمعاناة الناس"، مستنكرًا عدم قيام الحكومة بموقف حازم تجاه المتلاعبين بسوق اللحوم .
ويضيف: "لو كانت الحكومة عايزة تحل الأزمة كانت قفلت محالِّ الجزارة لمدة شهر زي ما حصل قبل كده في الثمانينيات، لما الرئيس السادات طلَّع قرار بقفل محلات الجزارة لمدة شهر وأدَّب الجزارين، ماكنش حدّ قدر يرفع الأسعار"، مؤكدًا أن سلطة رجال الأعمال وأصحاب المجازر تحول دون إصدار أي قرار يضر بمصالح الجزَّارين.
ويقول إنه أصبح يشتري الآن نصف كمية اللحوم التي كان يشتريها قبل ارتفاع الأسعار؛ لأنه يعيش هو وزوجته وابنته فقط، ويكفيهم القليل، أما الأسر كبيرة العدد فيكتفون فقط بمشاهدتها معلَّقةً في محالِّ الجزارة.
ويقول شريف محمود "محاسب": "قررت مقاطعة اللحوم بسبب ارتفاع أسعارها؛ لأن المرتب لا يكفي لشراء متطلبات البيت الأساسية ودفع الإيجار، ولا يسمح بشراء كيلو لحمه بـ60 أو 70 جنيهًا.. هوَّ المرتب فيه كام 60 جنيهًا أصلاً؟!".
وتقول مدام فاطمة "موظفة" بلغة يملؤها الأسى: "نزلت من يومين بالمرتب إلى السوق ورجعت بنصف المرتب ومش عارفة ازاي هدفع الإيجار، وباقي مصاريف الشهر، حسبنا الله ونعم الوكيل"، مضيفةً أن اللحوم ستشهد غيابًا طويلاً من على مائدتها؛ حتى تنخفض أسعارها وتعود إلى ما كانت عليه من قبل.
أما سيد عبده "موظف بالمعاش": "مش هشتري لحمة يعني هنموت لو ما أكلناش لحمة؟ دا حتى كرَّهونا فيها من كلامهم عن اللحمة "اللي فيها دود" اللي بيستوردوها من برة، وكمان مين اللي معاه 60 جنيهًا عشان يشتري بيهم كيلو لحمة، هيَّ الناس لاقية تاكل عيش حاف، طب بس يوفروا للناس رغيف العيش"!!.
ومن جانبهم يرى الجزَّارون أنه ليس لهم علاقة بارتفاع أسعار اللحوم، وأنهم ضحايا يقفون مع المستهلكين في صف واحد، وأنهم معرَّضون لإغلاق محالِّهم بسبب إرتفاع أسعار المواشي.
فيقول سيد محيي الدين "جزار" إنه معرَّض للإفلاس؛ بسبب توقُّف حركة البيع وإحجام المواطنين عن شراء اللحوم؛ بسبب ارتفاع الأسعار، مؤكدًا أن الجزَّارين ضحية لتجَّار المواشي الكبار الذين يتحكَّمون في أسعارها ويرفعون أسعار اللحوم الحية، قائلاً: "كيلو الحي النهاردة وصل إلى 25 جنيهًا، وثمن العجل زاد 1000 و2000 جنيه.. هنعمل إيه ارتفاع الأسعار علينا قبل ما يكون على الناس"!.
أما مدحت درويش "صاحب محل جزارة في منطقة السيدة زينب" فيرى أن هذه الأزمة مفتعلةٌ، مثل الأزمات المتكررة التي تفتعلها الحكومة لإلهاء الناس عن فساد الحكومة، والوضع السياسي السيِّئ الذي تعيشه مصر.
ويقول إن ارتفاع أسعار المواشي الذي يتحكَّم فيه التجَّار الكبار ورجال الأعمال هو السبب الرئيسي في رفع أسعار اللحوم؛ حيث زاد سعر الجمل 1000 جنيه في أسبوع واحد، وزادت أسعار العجول 1500 أيضًا عن أسعارها قبل الأزمة".
ويضيف أن ارتفاع الأسعار أضرَّ به مثل بقية المواطنين، واضطر بسبب ذلك إلى الاستغناء عن 2 من العمال الذين يعملون معه، واكتفى بـ1 فقط وخفض راتبه من 40 جنيهًا في اليوم إلى 30 جنيهًا؛ لأن حركة البيع قلت بصورة كبيرة ولا يستطيع تحمل دفع رواتبهم في الوقت الحالي.
ويؤكد أن الحالة التي يعيشها الشعب المصري الآن لم يحيَهَا من قبل حتى في فترات الحروب والكوارث التي عانت منها مصر.
ويقول محمد عيد "جزار" إن التجار الكبار ومستوردي اللحوم المجمَّدة يعملون على رفع أسعار المواشي على الجزَّارين؛ من أجل رفع أسعار اللحوم الطازجة، ودفع المواطنين إلى شراء شحنات اللحوم المجمَّدة التي يستوردونها من الخارج.
ويضيف أن الجزَّارين متضرِّرون من ارتفاع الأسعار الذي أدَّى إلى توقف الناس عن الشراء، وهو ما يهدِّد الجزَّارين بإغلاق محالِّهم والتوقف عن العمل؛ بسبب قلة حركة الشراء، مشيرًا إلى أن ثمن العجل البتلو ارتفع بنسبة 100% من 1500 جنيه إلى 3000 جنيه، وهو ما جعل كثيرًا من الجزَّارين الصغار لا يستطيعون شراء ذبائح، وتوقَّفوا عن العمل.
ويؤكد محمود العسقلاني رئيس حركة "مواطنون ضد الغلاء" أن هناك مخططًا احتكاريًّا ينفِّذه مجموعة من رجال الأعمال حددهم بـ15 شخصًا، تربطهم علاقات تجارية مع دول مثل الهند والبرازيل ودول أمريكا الشمالية ويمتلكون مجازر في تلك الدول، ويجلبون منها اللحوم المجمَّدة إلى مصر، مشيرًا إلى أن هؤلاء يدفعون رشاوى لا تقل عن مليوني جنيه لتعدية صفقات اللحوم المجمدة الغير مطابقة للمواصفات التي يجلبونها من مجازرهم ومن شركائهم في هذه الدول.
ويضيف أن هؤلاء يريدون بممارساتهم احتكار سوق اللحوم في مصر والقضاء على اللحوم الحية الطازجة من السوق المصرية؛ ليفسحوا الطريق أمام شحنات اللحوم المجمدة التي يجلبونها من الخارج، موضحًا أن هؤلاء يعملون على تشويه صورة اللحوم الحية التي تستوردها مصر من إثيوبيا والسودان، ويلصقون بها التهم الكاذبة من أنها مصابةٌ بالحمَّى القلاعية، وأن بها أنواعًا من الديدان، موظفين بعض الأقلام المأجورة للترويج لأكاذيبهم ولخدمة مخططاتهم ومصالحهم.
ويوضح أن هذه الأكاذيب والشائعات تهدف إلى حجز العجول في المحاجر الصحية على الحدود لفترة من 15 إلى 30 يومًا؛ للتأكد من عدم إصابتها بأمراض، ثم تذبح هناك وتدخل السوق المصرية مجمدة، مؤكدًا أن اللحوم الإثيوبية والسودانية من أجود أنواع اللحوم على الإطلاق؛ لأنها تربَّت في مراعي طبيعية، كما أنها إذا دخلت إلى مصر حيةً بدون أن تُذبح على الحدود أدَّت إلى انخفاض أسعار اللحوم الطازجة في مصر والتي من الممكن أن تصل إلى 28 جنيهًا للكيلو.
ويؤكد أن مصلحة هؤلاء عدم دخول مواشٍ حية إلى مصر؛ حتى يستطيعوا بيع لحومهم المجمدة في السوق المصرية، والتي لا تستطيع المنافسة في السوق حال وجود لحوم طازجة، وبأسعار رخيصة كاللحوم الإثيوبية والسودانية، بالإضافة إلى أنها صحية وخالية من الدهون.
ويكشف أن هناك بعض رجال الأعمال الاحتكاريين الذين يمتلكون أعدادًا كبيرةً من رؤوس الماشية، ويحتكرون السوق، ويتحكمون في رفع الأسعار، وعلى رأسهم رجل الأعمال داني شمعون صاحب شركة السخنة لاستيراد اللحوم، مشيرًا إلى أن هؤلاء يمنعون وصول المواشي إلى الجزَّارين، ويعطِّشون السوق من أجل رفع الأسعار.
وعن عدم التحرك الحكومى لاحتواء الأزمة، يقول العسقلاني إن الحكومة المصرية من مصلحتها افتعال تلك الأزمات المتكررة لإلهاء الناس عن المطالبة بالحرية والديمقراطية في البحث عن "لقمة العيش"، وبالتالي يضمن النظام المصري انشغال الناس عن ممارساته القمعية والاستبدادية، وعن تزوير الانتخابات التي هي أساس بقاء النظام، مؤكدًا أن الطريق إلى الحرية والديمقراطية لن يتحقق إلا بعد أن يشبع الناس، وهو ما يخشاه النظام، ويحول دون تحقيقه، وكأن تجويع المواطنين أصبح من متطلبات أمن النظام.
ويتفق الدكتور عبد الخالق فاروق الخبير الاقتصادى مع الكلام السابق قائلاً: إن السبب الرئيسي في ارتفاع أسعار اللحوم هو احتكار مجموعة من رجال السلطة والمال لسوق اللحوم في مصر الذين حدَّدهم بحوالي من 10 إلى 15 شخصًا من كبار مربي ومنتجي العجول في مصر ومثلهم من مستوردي اللحوم من الخارج، وعلى رأسهم بطرس بطرس غالي الذي يمتلك مزرعة ضخمة في الخطاطبة، ويتحكم في أسعار العجول الحية، مؤكدًا أن هؤلاء الذين يسيطرون على حجم الإنتاج وعلى الأسعار، ولا يستطيع أحد أن يحاسب بسبب صلتهم القوية بجهاز الحكم.
وينتقد السياسات الحكومية في التعامل مع هذه الأزمة، قائلاً إن الوضع الموجود في مصر حاليًّا وترك الحكومة رجال الأعمال يتلاعبون بالسوق وبأمن المواطنين الغذائي كيفما يشاءون؛ ليس موجودًا في أية دولة في العالم حتى في الدول الرأسمالية؛ حيث إن هذه الدول وضعت حدودًا للأسعار وحدَّدت هامشًا للربح لا يزيد عن 25% لحماية السوق من تلاعب رجال الأعمال.
وحول تصريحات وزير الزراعة أن أسعار اللحوم ستصل إلى 200 جنيه للكيلو- بسبب حرب الشائعات المشتعلة بين شركات استيراد اللحوم ودعوته المواطنين إلى مقاطعة- يقول إن وزير الزراعة أحد مجرمي قطاع الزراعة في مصر ومن كبار المحتكرين للغلال والأسمدة والمبيدات والمواشي، ويشكِّل هو وعائلته جزءًا كبيرًا من مافيا السلع الزراعية في مصر.
ويتنقد سياساته في التعامل مع الأزمة، قائلاً: "لو مش قادر يسيطر على الأزمة أو يرسم سياسات لحلِّها يروح يقعد في بيته ويسيب غيره يحل، ولكنه مش عايز يرسم سياسات"، مشيرًا إلى أن مصلحته ليست في حلِّ الأزمة، ولكنها تتوافق مع مصالح شركائه من المحتكرين.
ويؤكد أن مصالح النظام- من أول رئيس الجمهورية إلى وزرائه- تتناقض جذريًّا مع مصالح الغالبية العظمى من أبناء الشعب المصري.
ويؤكد الدكتور عبد المطلب عبد الحميد الخبير الاقتصادي أن الاقتصاد المصري وصل إلى مرحلة الاختناق؛ بسبب الممارسات الاحتكارية المتزايدة التي شملت كل السلع الأساسية، وأنهكت المواطن المصري المطحون، منتقدًا ما أسماه عدم الكفاءة الحكومية في إدارة السياسية الاقتصادية في مصر.
ويضيف أن الحكومة هي التي تختلق مثل هذه الأزمات؛ بسبب إطلاقها لأيدي رجال الأعمال في السوق لتتلاعب به وتسيره كيف يشاءون تحت مسمَّى تطبيق آليات السوق، والتي استخدمها الاحتكاريون بصورة غير شرعية لتحقيق أطماعهم الاحتكارية على حساب المواطنين، مستنكرًا أن تصل مصر- التي تعتبر دولةً زراعيةً في المقام الأول- إلى هذا المستوى في إنتاج اللحوم.
ويتساءل عن دور الحكومة بشأن حلِّ هذه الأزمة وغيرها من الأزمات المتتالية التي تعصف بالبلاد وتؤثر في كل البيوت المصرية، قائلاً: "أين قانون المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية؟ وأين الدولة من استيراد شحنات لحوم سليمة وصالحة بعيدًا عن المستوردين من رجال الأعمال؟ وأين هي أيضًا من رفع مستوى الإنتاج الحيواني ودعم صغار المنتجين؟!"
ويقول إنه يجب على الحكومة ألا تترك السوق بدون رقابة، وأن تحدد تسعيرة جبرية على التجار والجزارين، وتعاقب من يخالف مع وضع ضوابط صارمة على المستوردين، وكذلك إدخال شحنات من اللحوم المستوردة تحت مظلة الحكومة وبعيدًا عن رجال الأعمال لسدِّ الفجوة الموجودة بين العرض والطلب، بالإضافة إلى أنه يجب على المستهلكين أن يكونوا أكثر قوةً في مقاطعة اللحوم؛ للضغط على المنتجين بتقليل الطلب، ومن ثم تنخفض الأسعار.
ويقترح عبد الحميد أن تسند مهمة النهوض بالإنتاج الحيواني في مصر إلى الجيش، وأن تقام به بعض مزارع المواشي، بالإضافة إلى المساحات الزراعية التي يُشرف عليها الجيش، مؤكدًا نجاح التجربة في ظل انضباط أداء المؤسسة العسكرية، بعد أن اعترفت وزارة الزراعة بفشلها في حل الأزمة.
ما رأيك أنت فى أسباب ارتفاع أسعار اللحوم؟ وما هى وسائل مواجهة ارتفاع الأسعار؟ وهل يمكن أن تنجح المقاطعة فى إجبار التجار تخفيض الأسعار؟